القلب في أحسن صورة من اللفظ. فأعلاها طبقة في الحسن بلاغة القرآن , وأعلى طبقات البلاغة للقرآن خاصة , وأعلى طبقات البلاغة معجز للعرب والعجم كإعجاز الشعر المغحم , فهذا معجز للمفحم خاصة كما أن ذلك معجز للكافة.
والبلاغة على عشرة أقسام: الإيجاز , والتشبيه , والاستعارة , والتلاؤم والفواصل , والتجانس , والتصريف , والتضمين , والمبالغة , وحسن البيان ونحن نفسرها بابا بابا إن شاء الله تعالى.
باب الإيجاز
الإيجاز تقليل الكلام من غير إخلال بالمعنى , وإذا كان المعنى يمكن أن يعبر عنه بألفاظ كثيرة ويمكن أن يعبر عنه بألفاظ قليلة , فالألفاظ القليلة إيجاز. والإيجاز على وجهين: حذف , وقصر , فالحذف إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام , والقصر بنية الكلام على تقليل اللفظ وتكثير المعنى من غير حذف. فمن الحذف {واسئل القرية} ومنه {ولكن البر من اتقى} , ومنه {براءة من الله} , ومنه {طاعة وقول معروف}. ومنه حذف الأجوبة , وهو أبلغ من الذكر , وماجاء منه في القرآن كثير كقوله جل ثناؤه: {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى} كأنه قيل: لكان هذا القرآن. ومنه {وسيق الذين اتقول ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} كأنه قيل: حصلوا على النعيم المقيم الذي لا يشوبه