أدى فلان زكاة ماله وآتاها وأعطاها , أو زكَّى ماله , ولا يقال: فعل فلان الزكاة , ولا يعرف ذلك في كلام أحد. فالجواب أن هذه العبارات لا تستوي في مراد هذه الآية , وإنما تفيد حصول الاسم فقط , ولا تزيد على أكثر من الإخبار عن أدائها فحسب , ومعنى الكلام ومراده المبالغة في أدائها والمواظبة عليه حتى يكون ذلك صفة لازمة لهم , فيصير أداء الزكاة فعلاً لهم مضافاً إليهم يعرفون به , فهم له فاعلون. وهذا المعنى لا يستفاد على الكمال إلا بهذه العبارة , فهي إذًا أولى العبارات وأبلغها في هذا المعنى. وقد قيل إن معنى الزكاة هنا العمل الصالح الزاكي , يريد - والله أعلم - والذين هم للأعمال الصالحة والأفعال الزاكية فاعلون.
وأما قوله عز وجل: {سيجعل لهم الرحمن وُدا} وإنكارهم قول من يقول جعلت لفلان ودًا بمعنى وددته فإنهم قد غلطوا في تأويل هذا الكلام , وذهبوا عن المراد فيه , وإنما المعنى أن الله سيجعل لهم في قلوب المؤمنين , أي يخلق لهم في صدور المؤمنين مودة , ويغرس لهم فيها محبة , كقوله عز وجل: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} أي خلق.
وأما قوله سبحانه: {ردف لكم} فإنهم لغتان فصيحتان: ردفته وردفت له كما تقول: نصحته ونصحت له. وأما قوله سبحانه: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} ودخول الباء فيه فإن هذا الحرف كثيرًا ما يوجد في كلام العرب الأول الذين نزل القرآن به , وإن كان يعز وجوده في كلام المتأخرين. وأخبرني الحسن بن عبدالرحيم عن أبي خليفة عن محمد ابن سلام الجمحي قال: قال أبو عمروا بن العلاء: اللسان الذي نزل به