يمكن عندنا أن يعرف من الوجهين.
وليس الغرض تحقيق القول في هذا الفصل، لأنه خارج عن مقصود كلامنا، ولكنا ذكرناه من جهة دلالة الآية عليه.
ومن ذلك قوله عز وجل: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتو ابمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كَانَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ ظَهيراً) (١) وقوله: (أمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ، بَلْ لاَّ يُؤْمِنْونَ.
فَلْيَأْتُواْ بِحَديثٍ / مِّثْلِهِ إن كانوا صادقين) (٢) فقد ثبت بما بيناه أنه تحداهم إليه، ولم يأتوا بمثله.
وفي هذا أمران: أحدهما التحدي إليه.
والآخر أنهم لم يأتوا له بمثل (٣) .
والذي يدل على ذلك النقل المتواتر الذي يقع به العلم الضروري، فلا يمكن جحود واحد من هذين الامرين.
وإن قال قائل: لعله لم يقرأ عليهم الآيات التي فيها ذكر التحدي، وإنما قرأ عليهم ما سوى ذلك من القرآن -: كان ذلك قولا باطلا، يعلم بطلانه بمثل (٤) ما يعلم به بطلان قول من زعم أن القرآن أضعاف هذا! وهو يبلغ حمل جمل! وأنه كتم، وسيظهره المهدي ! ! ! أو يدعي أن هذا القرآن ليس هو الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو شئ وضعه عمر أو عثمان، رضي الله عنهما، حيث وضع (٥) المصحف.
أو يدعى فيه زيادة أو نقصانا.
وقد ضمن الله حفظ كتابه أن يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، ووعده الحق.
وحكاية قول من قال ذلك يغني عن الرد عليه.
لأن العدد الذين / أخذوا
القرآن في الأمصار وفي البوادي، وفي الاسفار والحضر، وضبطوه حفظا،
(١) سورة الاسراء: ٨٨ (٢) سورة الطور: ٣٣ و ٣٤ (٣) ا، م: " يأتوا بمثله " (٤) س: " مثل " (٥) ا، م: " وضعا " (*)