منها (١) إلا ما حجز دونه بحر، أو حال عنه جبل منيع، أو أرض خشنة، أو بادية غير مسلوكة.
وقال الله عز وجل: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُون وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (٢) ، فصدق فيه.
/ وقال في أهل بدر: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّها لَكُم) (٣) .
ووفى لهم بما وعد.
وجميع الآيات التي يتضمنها القرآن، من الأخبار عن الغيوب، يكثر جداً، وإنما أردنا أن ننبه بالبعض على الكل.
* * * والوجه الثاني: أنه كان معلوماً من حال النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان أمياً لا يكتب، ولا يحسن أن يقرأ.
وكذلك كان معروفاً من حاله أنه لم يكن يعرف شيئاً من كتب المتقدمين، وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم، ثم أتى بجمل ما وقع وحدث من عظيمات الأمور، ومهمات السير، من حين خلق الله آدم عليه السلام، إلى حين مبعثه، فذكر في الكتاب، الذي جاء به معجزة له: قصة آدم عليه السلام، وابتدأ خلقه.
وما صار أمره إليه من الخروج من الجنة.
ثم جملاً من أمر ولده وأحواله وتوبته، ثم ذكر قصة نوح عليه السلام، وما كان بينه وبين قومه، وما انتهى إليه أمرهم (٤) .
وكذلك أمر إبراهيم عليه السلام، إلى ذكر سائر الأنبياء المذكورين في القرآن، والملوك والفراعنة الذين كانوا في أيام الأنبياء، صلوات الله عليهم.
/ ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه، إلا عن تعلم، وإذ كان معروفاً أنه لم يكن ملابساً لأهل الآثار وحملة الأخبار، ولا متردداً إلى التعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ، فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه - علم أنه لا يصل إلى علم ذلك إلا بتأييد من جهة الوحي.
ولذلك قال الله عز وجل: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُواْ مِنْ قَبْلِهِ من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لا رتاب الْمُبْطلونَ) (٥) وقال: (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ) (٦) .
وقد بينا أن من
(١) س: " دونها " (٢) سورة آل عمران: ١٢ (٣) سورة الانفال: ٧ (٤) س، م: " إليه أمره " (٥) سورة العنكبوت: ٤٨ (٦) سورة الانعام: ١٠٥ (*)