قال: فقلت: خفِّض عليك يا خليفة رسول الله، صلى الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يهيضك (١) إلى ما بك، فوالله ما زلت صالحاً مصلحاً، لا تأسى على شئ فاتك من أمر الدنيا، ولقد تخليت بالأمر وحدك، فما رأيت إلا خيراً.
وله خطب ومقامات مشهورة اقتصرنا منها على ما نقلنا، منها قصة السقيفة.
* * * / نسخة كتاب كتبه (٢) أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم: سلام الله عليك، فإنَّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد، فإنا عهدناك وأمر نفسك لك (٣) مهم، فأصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة أحمرها، وأسودها، يجلس بين يديك الصديق والعدو، والشريف والوضيع، ولكل حصته من العدل، فانظر كيف أنت - يا عمر - عند ذلك، فإنا نحذرك يوما تعنوا فيه الوجوه، وتجِبُ فيه القلوب.
وإنا كنا نتحدث أن أمر هذه الامة يرجع (٤) في آخر زمانها: أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة، وأنا نعوذ بالله أن تَنْزِلَ كتابنا سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا، فإنا إنما كتبنا إليك نصيحة لك، والسلام.
فكتب إليهما: من عمر بن الخطاب، إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل: سلام عليكما، فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو (٥) .
/ أما بعد، فقد جاءني كتابكما، تزعمان أنه بلغكما أني وليت أمر هذه الأمة: أحمرها وأسودها، يجلس بين يدى الصديق والعدو، والشريف والوضيع، وكتبتما:
(١) قال المبرد: " يهيضك، مأخوذ من قولهم: هيض العظم: إذا جبر ثم أصابه شئ يعنته فآذاه، فكسره ثانية أو لم يكسره، وأكثر ما يستعمل في كسره ثانية " (٢) س، ك: " كتب " (٣) م: " إليك " (٤) س، ك: " أن هذه الامة ترجع " (٥) في سيرة عمر ص ٥٥٢ " أما بعد فإنى أوصيكما بتقوى الله، فإنه رضا ربكما، وحظ أنفسكما، وغنيمة الاكياس لانفسكم عند تفريط العجزة، وقد بلغني كتابكما ... " (*)