تحمل العذارى رحله! وليس في هذا تعجب كبير، ولا في نحر الناقة لهن تعجب! وإن كان يعنى به أنهن حملن رحله، وأن بعضهن حمله (١) ، فعبر عن نفسه برحله، فهذا قليلاً يشبه أن يكون عجباً، لكن الكلام لا يدل عليه، ويتجافى عنه.
ولو سلم البيت من العيب لم يكن فيه شئ غريب (٢) ، ولا معنى بديع، أكثر
من سفاهته (٣) ، مع قلة معناه، وتقارب أمره، ومشاكلته طبع المتأخرين من أهل زماننا! / وإلى هذا الموضع لم يمر له بيت رائع، وكلام رائق.
وأما البيت الثاني فيعدونه حسناً، ويعدون التشبيه مليحا واقعا.
وفيه شئ: وذلك أنه عرف اللحم ونكر الشحم، فلا يعلم (٤) أنه وصف شحمها، وذكر تشبيه أحدهما بشئ واقع للعامة، ويجرى على ألسنتهم (٥) ! وعجز عن تشبيه القسمة الأولى فمرت مرسلة! وهذا نقص في الصنعة، وعجز عن إعطاء الكلام حقه.
وفيه شئ آخر من جهة (٦) المعنى: وهو: أنه وصف طعامه الذي أطعم من أضاف بالجودة، وهذا قد يعاب.
وقد يقال: إن العرب تفتخر بذلك ولا يرونه عيباً، وإنما الفرس هم الذين يرون هذا عيبا شنيعا.
وأما تشبيه الشحم بالدمقس، فشئ يقع للعامة ويجرى على ألسنتهم، فليس بشئ قد سبق إليه، وإنما زاد " المفتل " للقافية، وهذا (٧) مفيد، ومع ذلك فلست أعلم العامة تذكر هذه الزيادة، ولم يعد أهل الصنعة ذلك من البديع، ورأوه قريبا.
وفيه شئ آخر من جهة المعنى (٨) : وهو: أن تبجحه بما أطعم للأحباب مذموم، وإن سوغ التبجح بما أطعم للأضياف، إلا أن
(١) م: " حمله " (٢) سقطت هذه الكلمة من ا (٣) ا، م، ك: " من سلامته " (٤) م: " فلا يعرف " (٥) الزيادة من ا
(٦) م: " من طريق " (٧) م: " وهو " (٨) الزيادة من ا (*)