وإن كان المعنى غير هذا الذي عيب عليه، وإنما ذهب مذهباً آخر، وهو: أنه أراد أن يظهر التجلد - فهذا خلاف ما أظهر من نفسه فيما تقدم من الأبيات، من الحب والبكاء على الأحبة، فقد دخل في وجه آخر من المناقضة والاحاطة في الكلام.
ثم قوله: " تأمري القلب يفعل " معناه (١) تأمريني.
والقلب لا يؤمر.
والاستعارة في ذلك غير واقعة ولا حسنة (٢) .
* * * / وقوله: فإن كنت قد ساءتكِ مني خليقةٌ * فسُلِّي ثيابي من ثيابك تَنْسَلِ وما ذرفتْ عيناكِ إلا لتَضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل البيت الأول قد قيل في تأويله: إنه ذكر الثوب وأراد البدن، مثل قول الله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (٣) .
وقال أبو عبيدة: هذا مثل للهجر.
وتنسل: تبين.
وهو بيت قليل المعنى، ركيكه ووضيعه.
وكل ما أضاف إلى نفسه ووصف به نفسه سقوط وسفه وسخف، يوجب (٤) قطعه.
فلم لم يحكم على
نفسه بذلك، ولكن يورده مورد أن ليست له خليقة توجب هجرانه والتفصى (٥) من وصله، وأنه مهذب الأخلاق، شريف الشمائل، فذلك يوجب أن لا ينفك من وصاله.
(١) م: " تقديره " (٢) قال أبو حيان التوحيدي في كتاب البصائر والذخائر ١ / ٢٦ " وقال محمد بن راشد: كنا يوما مع إسحاق بن إبراهيم الطاهري نتحدث ونخوض في ضروب الآداب، فأقبل علينا فقال: ما أراد امرؤ القيس بقوله: أغرك مني أن حبَّكِ قاتلي * وإنك مهما تأمري القلب يفعل؟ فكل قال بما حضره، فقال: لم يرد هذا.
قلنا: فما أراد؟ قال: أراد أنك تملكين قلبك فإن أردت صرمى قدرت عليه، وإن أردت صلتي قدرت عليها، وأما أنا فلا أملك من قلبى إلا صلتك " ومعنى أغرك: أي جرأك على، وانظر الشعر والشعراء ١ / ٨٤ (٣) سورة المدثر: ٤ (٤) كذا في ك، م (٥) م: " والتقصى " (*)