ثم تأمل تمكن الفاصلة - وهى الكلمة الثالثة - وحسن موقعها، وعجيب حكمتها (١) .
وإن شرحت لك ما في كل آية طال عليك الأمر، ولكني قد بينت بما فسرت، وقررت بما فصلت - الوجه الذي سلكت، والنحو الذي قصدت، والغرض الذي إليه رميت، والسمت الذى إليه دعوت.
ثم فكر بعد ذلك في شئ أدلك عليه: وهو تعادل هذا النظم في الإعجاز، في مواقع الآيات القصيرة، والطويلة، والمتوسطة.
/ فأجل الرأي في سورة سورة، وآية آية، وفاصلة فاصلة، وتدبر الخواتم، والفواتح، والبوادى (٢) والمقاطع، ومواضع الفصل والوصل، ومواضع التنقل والتحول، ثم اقضِ ما أنت قاضٍ.
وإن طال عليك تأمل الجميع، فاقتصر على سورة واحدة، أو على بعض
* * * ما رأيك في قوله: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ، وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيعَاً، يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُم، يُذَبِّحُ أَبناءَهُم، ويَسْتَحْييِ نِسَاءَهُم، إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٥) ؟ هذه تشتمل على ست كلمات، سناؤها وضياؤها على ما ترى، وسلاستها وماؤها على ما تشاهد، ورونقها على ما تعاين، وفصاحتها على ما تعرف.
وهي تشتمل على جملة وتفصيل، وجامعة (٥) وتفسير: ذكر العلو في الأرض باستضعاف الخلق بذبح الولدان وسبي (٦) النساء، وإذا تحكم في هذين الامرين فما ظنك بما دونهما! ؟ لان النفوس لا تطمئن على هذا الظلم، والقلوب لا تقر على هذا الجور.
(١) س: " حكمها " (٢) م: " والمبادى " (٣) س: " سور " م " أو بعض " (٤) سورة القصص: ٤ (٥) الزيادة من م (٦) م: " لذبح الولدان، واستحياء ".
إعجاز القرآن (*)