وقد وقف الباقلانى حياته على أمرين، ملكا عليه أقطار نفسه، وشغفاه حبا وهما: التدريس، والتأليف.
أما " التدريس " فقد اجتمعت له كل أدواته، ولم يصرفه عنه صارف، حتى إنه في أثناء مقامه مع عضد الدولة بشيراز، وتدريسه لابنه الامير أبى كاليجار المرزبان، لم يمتنع عنه، بل عقد دروسا عامة لاهل السنة.
ومن الكتب التى درسها لهم كتاب " اللمع " لابي الحسن الاشعري.
وقد " تتلمذ " عليه كثيرون في البصرة وبغداد وغيرهما، ونحن نشير إلى بعضهم فيما يلى: (١) القاضى أبو محمد: عبد الوهاب بن نصر، البغدادي المالكى (٣٦٢ - ٤٢٢) .
قيل له: مع من تفقهت؟ قال: صحبت الابهري، وتفقهت مع أبى الحسن بن القصار، وأبى القاسم بن الجلاب، والذى فتح أفواهنا، وجعلنا نتكلم: أبو بكر بن الطيب (٢) أبو عمران: موسى بن عيسى بن أبى حجاج العفجومى، وقد أثبت سماعه من الباقلانى إملاء في رمضان سنة ٤٠٢، وقال: رحلت إلى بغداد، وكنت قد تفقهت بالمغرب والاندلس عند أبى الحسن القابسى، وأبى محمد الاصيلى، وكانا عالمين بالاصول.
فلما حضرت مجلس القاضى أبى بكر، ورأيت كلامه في الاصول والفقه مع المؤالف والمخالف، حقرت نفسي، وقلت: لا أعلم من العلم شيئا ورجعت عنه كالمبتدئ ".
وقال عنه أبو حاتم بن محمد: كان أبو عمران من أحفظ الناس وأعلمهم، لم ألق أحدا أوسع منه علما، ولا أكثر رواية.
وذكر أن الباقلانى كان يعجبه حفظه، ويقول له: لو اجتمعت في " مدرستي " أنت وعبد الوهاب - وكان إذ ذاك بالموصل - لاجتمع علم مالك، أنت تحفظه، وهو ينظره.
وتوفى أبو عمران سنة ٤٣٠ عن خمس وستين سنة.
وكانت رحلته.
إلى بغداد في سنة ٣٩٩.
(٣) أبو ذر الهروي عبد بن أحمد (٣٥٥ - ٤٣٤) المالكى الاشعري
قال له بعض الشيوخ: أنت من هراة، فمن أين تمذهبت لمالك والاشعرى؟ فقال: