وإذا كنا قد أبنا في القاعدة ما علمت، وفصلنا لك في شعره ما عرفت - لم نحتج إلى أن نتكلم على شعر كل (١) شاعر، وكلام بليغ، والقليل يدل على الكثير.
وقد بينا - في الجملة - مباينة أسلوب نظم القرآن جميع الأساليب، ومزيته عليها في النظم والترتيب، وتقدمه عليها في (٢) كل حكمة وبراعة، ثم تكلمنا على التفصيل - على ما شاهدت (٣) - فلا يبقى علينا بعد ذلك سؤال.
ثم نقول: أنت تعلم أن من يقول بتقدم البحتري في الصنعة، به من الشغل في تفضيله على ابن الرومي أو تسوية ما بينهما ما لا يطمع معه في تقديمه على امرئ القيس ومن طبقته.
كذلك أبو نواس، إنما يعدل شعره بشعر أشكاله، ويقابل كلامه بكلام أضرابه من أهل عصره.
، وإنما يقع بينهم التباين اليسير، والتفاوت القليل.
فأما أن يظن ظان، أو يتوهم متوهم أن جنس الشعر معارض / لنظم (٤) القرآن (فَكَأََنَّما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (٥) .
وإنما هي خواطر يغير بعضها على بعض، ويقتدي فيها بعض ببعض، والغرض الذي يرمي إليه، ويصح (٦) التوافي عليه، في الجملة، فهو قبيل متداول، وجنس متنازع، وشريعة مورودة، وطريقة مسلوكة.
ألا ترى ما روي عن الحسين بن الضحاك، قال: أنشدت أبا نواس قصيدتي التي فيها: وشاطريِّ اللسان مختلق التك * ريه شاب المجون بالنسك (٧)
(١) الزيادة من م (٢) م: " ومزيته عليها في كل حكمة " (٣) كذا في م، ك، وفى س: " التفضيل على ما شهدت ولا " (٤) م: " يعارض بنظم " (٥) سورة الحج: ٢١ (٦) م: " ترمى إليه يصح " (٧) كذا في ا، م والاغانى ٦ / ١٧٥.
وفى س، ك: " زان المجون " (*)