وأما " الفواصل " فقد بينا أنه يصح أن يتعلق بها الإعجاز، وكذلك قد بينا في المقاطع والمطالع نحو هذا، وبينا في " تلاؤم " الكلام ما سبق: من صحة تعلق الإعجاز به.
/ والتصرف في " الإستعارة " البديعة يصح أن يتعلق به الإعجاز، كما يصح مثل ذلك في حقائق الكلام، لأن البلاغة في كل واحد من البابين تجري مجرى واحداً وتأخذ مأخذاً مفرداً.
* * * وأما " الإيجاز والبسط " فيصح أن يتعلق بهما الإعجاز (١) ، كما يتعلق بالحقائق.
* * * و " الاستعارة " و " البيان " في كل واحد منهما ما لا (٢) يضبط وحده، ولا يقدر قدره، ولا يمكن التوصل إلى ساحل بحره بالتعلم، ولا يتطرق إلى غوره بالتسبب، وكل ما يمكن تعلمه، ويتهيأ تلقنه، ويمكن تحصيله (٣) ، ويستدرك أخذه - فلا يجب أن يطلب وقوع الاعجاز به.
ولذلك قلنا: إن " السجع " ما ليس يلتمس فيه الإعجاز، لأن ذلك أمر محدود، وسبيل مورود، ومتى تدرب الإنسان به واعتاده لم يستصعب عليه أن يجعل جميع كلامه منه.
وكذلك " التجنيس " و " التطبيق " متى أخذ أخذهما (٤) وطلب وجههما،
/ استوفى ما شاء، ولم يتعذر عليه أن يملأ خطابه منه، كما أولع بذلك أبو تمام والبحتري، وإن كان البحتري أشغف بالمطابق، وأقل طلباً للمجانس.
فإن قال قائل: هلاَّ قلت: إن هذين البابين يقع فيهما مرتبة عالية، لا يوصل إليها بالتعلم، ولا تملك بالتعمل، كما ذكرتم في البيان وغير ذلك؟ قلنا: لو عمد إلى كتاب " الأجناس "، ونظر في كتاب " العين "، لم يتعذر عليه التجنيس الكثير.
فأما " الإطباق " فهو أقرب منه، وليس كذلك البيان والوجوه التي رأينا الإعجاز فيها، لأنها لا تستوفى بالتعلم.
(١) س: " إعجاز " (٢) م " منهما لا يضبط " (٣) كذا في ا، م.
وفى ك، س " تخليصه ".
(٤) كذا في ا، م.
وفى س، ك " أخذ أحدهما ".
(*)