ابن حزم في الفصل ٤ / ٢٢٥: " ومن العجب أن هذا النذل الباقلانى قطع بأن دواد خالف الاجماع في قوله بإبطال القياس، أفلا يستحى هذا الجاهل من أن يصف العلماء بصفته، مع عظيم جهله؟ ولكن من يضلل الله فلا هادى له " ومما أحفظه عليه أيضا، وأرث نار عداوته في صدره، أنه كان لا يعبأ بالظاهرية، ولا يعدهم من العلماء، وقد نقل شيخ الازهر الشيخ حسن العطار، (المتوفى سنة ١٢٥٠) في حاشيته على شرح الجلال المحلى على جمع الجوامع ٢ / ٢٢١ - أن أبا إسحاق الاسفرايينى قال: " كل مسلك يختص به أصحاب الظاهر عن القياسيين، فالحكم بحسبه منقوض، وبحق قال حبر الاصول القاضى أبو بكر: إنى لا أعدهم من علماء الامة، ولا أبالى بخلافهم ولا وفاقهم ".
ولست أربد أن أقبس هنا سائر ما أورده من قول، وما نحله من رأى، ثم أبين ما صنعه فيه من تحريف كلمه عن مواضعها، ولى عباراته عن معانيها، وقطع مقدماته عن نتائجها، وأخذه من ظاهر لفظه ما يتفق وهوى نفسه، ويتسق وما يريد أن يلزمه من إلزامات شائنة، تذهب بسمعته ومكانته.
لست أريد ذلك لان بيانه يحتاج إلى بسط وإطناب لا سبيل إليهما في هذا المقام.
ولكني أذكر من ذلك ما لا مناص من ذكره، وهو ما يتعلق بقوله في القرآن.
قال ابن حزم في معرض حديثه عن الاشاعرة ٤ / ٢٢١: " ومن شنعهم قول هذا الباقلانى في كتابه المعروف بالانتصار في القرآن، إن تقسيم آيات القرآن،
وترتيب مواضع سوره، شئ فعله الناس وليس هو من عند الله، ولا من أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
فقد كذب هذا الجاهل وأفك، أتراه ما سمع قول الله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، في آية الكرسي: وآية الكلالة، والخبر: أنه عليه السلام كان يأمر إذا نزلت آية كذا، أن تجعل في سورة كذا، وموضع كذا.
ولو أن الناس رتبوا سوره، لما تعدوا أحد وجوه ثلاثة:.
إما أن يرتبوها على الاول فالاول نزولا، أو الاطول فما دونه، أو الاقصر فما فوقه.
فإذا ليس ذلك كذلك، فقد صح أنه أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذى لا يعارض، عن الله عز وجل، لا يجوز غير ذلك أصلا ".