قد تواترت وتظاهرت به الأخبارُ على المعنى وإن اختلفت في ذلك الألفاظُ
والعبارات، وعُلِمَ ضرورة ثبوتُه، كما نعلم في الجملة تمسُّكَ الصحابة
بالإيمان وتصديقَهم الرسولَ وإعظامَهم له وشدةَ نُصرتهم إياه، وإن اختلفت
الرواياتُ فيما كان من أفعالهم وألفاظهم وحالاتهم الدالة على صدق
جهادهم، وشدة إيثارهم له، وعداوتهم لأهل الشرك، وليس هذا مما لعاقل
فيه شبهة ولا يجبُ تركُ هذه الرواياتِ المتوافيةِ على المعنى والعلمِ بما عليه
العادات وما كانت عليه الصحابةُ بمثل الأخبار المرويةِ في أنه لم يجمع
القرآنَ من الصحابة إلا أربعةُ نفر، بل يجب أن يُعتقَدَ فيه أحدُ أمرين:
الضعفُ والوَهاء، والسهوُ والإغفالُ لما هيَ عليه من اختلافِ المتونِ
والألفاظ، وزيادةِ عدد الحفّاظ في بعض الأخبار ونقصانِهم في بعضها.
والشكِّ في حفظِ آخرين، وتنافي ما جاءت به أو تصحيحها وتخريجها
وتأويلها على وجهٍ صحيحٍ يمكن معه الجمعُ بينها وبين ما قدّمناه، واعتقاد
حفظ هؤلاء النفر وحفظ خَلْقٍ معهم من المهاجرين والأنصار، هذا ما لا بذَ
منه.
وأوّلُ ما نقول في هذا أنّ الأخبارَ المرويةَ في حفظ هؤلاء النفرِ قد
وردت من جهةِ الآحادِ وروداً مختلفا متفاوتاً يدل على الاضطراب وقلة
الضبط وضعف المخرَج والنقل، وذلك أنه رُوِيَ عن عبد الله بن عبّاسٍ ما
حكيناه عنهم، ورَوى أيضاً عبدُ الله بن إدريس عن شعبةَ عن قتادةَ قال: