وأن ابنَ عباس كان يقرأ: (بَلى أدرك علمُهم) ، وأنّ أبن بن كعبٍ قرأها: (أمْ أدرَك علمهم في الآخرة) ، على الاستفهام، وأنّ ابنَ جُبيرٍ كانَ يقرأ: (والصوفِ المنفوشِ) ، وأنّ عليًّا كان يقرأ: (والعصر ونوائب الدهر لقد خلقنا الإنسان في خسر وأنَّ فيه إلى آخر الدهر) .
وأن أسماء بنتَ أبي بكرٍ قالت: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ِ يقول: (ويل أمكم قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) .
وأن ابن عباس قرأ: (إذا فتح الله النصرَ) ، إلى أمثال هذا مما يكثرُ ويطولُ تعداده.
وقد قلنا من قبلُ إن هذهِ أخبارُ آحادٍ غيرُ مقطوع عليها ولا موثوقِ
بصحتها، وإننا لا نجؤز أن نُثبت قراَناً بطريقٍ لا يوجبُ العلمَ ولا يَقطعُ
العذر، وإنّ الشهادةَ على أدنى المؤمنينَ منزَلة بمثلِ ذلك، وأنهُ قد زادَ في
كتابِ اللهِ تعالى ما ليسَ منهُ أو نقَصَ شيءٌ منهُ غيرُ مقبولة، فلا يجبُ الاعتدادُ
بمثلِ هذهِ القراءاتِ على وجه.
وقلنا أيضاً: إننا نعلمُ إجماعَ الأمةِ وسائرَ من رُويت عنهم هذه الرواياتُ
من طريقٍ يوجب العلمَ تسليمَهم بمصحف عثمانَ والرضا به والإقرارَ بصحة
ما فيه، وأنه هو الذي أنزلهُ اللهُ على ما أنزلهُ ورتّبه، فيجبُ إن صحت هذه
القراءات عنهم أن يكونوا بأسرِهم قد رَجعوا عنها وأذعنوا بصحة مصحف
عثمان، فلا أقل من أن تكونَ الرواية لرجوعهم إلى مصحفِ عثمانَ أشهر من
جميعِ هذه الرواياتِ عنهم، فلا يجب الإحفال بها مع معارضة ما هو أقوى
وأثبتُ منها.
وقلنا أيضا: إنّه لا يجوزُ للشيعةِ التعلقُ بالنقصانِ من كتاب الله تعالى أو
الزيادةِ فيه بهذه الأخبار، لأنّها عندهم أخبارُ قوم كَذَبة ضُلالٍ كُفّار، لا يؤمَن عليهم وضعُ الكذبَ والزيادةَ والنقصانَ في كتابِ الله، هذا لو تواتر الخبرُ عنهم بهذه القراءات، فكيف وهي في أدْوَن طبقاتِ أخبارِ الآحاد ِ الواهيةِ الضعيفة،