وأنشدَ في ذلكَ أيضا:
وكلُّ قومٍ أطاعوا أمرَ سيدهم ... إلاّ نُميراَ أطاعت أمرَ غاويها
الطاعِنينَ ولما يطعنوا أحداَ ... والقائلونَ لمن دار تُخَيلها
وقد اتفقُوا على جوازِ إسناد ذلكَ على الوجهَينِ جميعا:
أحدها: أن يقولوُا النّازلينَ والطّاعِنينَ منصوب، ثمَّ يقُولوا والطيبون
والقائلون فيرفعون، أو أن يقوُلوا النّازِلون والطاعِنون فيرفعون، ثمَّ يقوُلوا
والطيبين أو القائلين فينصبون، ويُعمِلون الكلامَ في الإعرابِ على النية وإتباعِ
الكلامِ بعضَه بعضا، وقد قالوا: إنَّ رفعَ مثلِ هذا ونصبه عند تطاولِ الكلامِ
شائعُ جائز، وإذا كان ذلكَ كذلكَ وجبَ القولُ بصحّةِ هذهِ القراءةِ وصوابِها وغلطِ من زعَم أنّها ملحونة.
فأمّا قولهُ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ) .
فقد قيلَ فيه أيضًا: إنّه رد على موضعِ إنَّ الذينَ آمنوا، قالوا: وموضعُه رفع، لأنّ إنَّ ها هنا مبتدأ لا تحذِف في الكلامِ معنى أخواتِها، لأنك تقولُ: زيد
قائم، ثمَّ تقولُ: إن زيدا قائم فلا يكونُ بينَ إدخالِ إن واطراحِها فرق في
المعنى، وكذلكَ نقولُ زيد قائم، ثمَّ نقولُ: لعل زيداً قائم، فيحدُثُ في
الكلامِ معنى الشك، ونقولُ: زيد قائم، ثمَّ نقول: ليتَ زيداً قائم، فُتحدِث
ليتَ معنى التمني، ويَدلُّ على هذا أنّهم يقولون: إن عبدَ اللهِ قائم وزيد.
فيرفعُ زيداً، لأنكَ قُلت: عبدُ اللهِ قائم وزيد، وتقولُ: لعل عبدَ اللهِ قائم
وزيداً، فتنصبُ معَ لعل وترفعُ من أن لما أحدثته لعل من معنى الشك، ولأن