وقال: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) .
يقول: كيف لا أعلم القولَ وإن أخفيتموه، وأنا الخالقُ
له، في نظائر لهذه الآيات خبر فيها عن خلقِ أفعال العباد.
ثم قال في إضافةِ الأفعال إليهم: (كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) .
وقال: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ) ، وقال: (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) ، وقال: (إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) ، وقال: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ) ، (فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠) .
فأضاف اتباعَ الهوى إليهم، وقال: (وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) .
وقال: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) .
وقال: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) ، فأضافَ
جعلَ ذلك إليهم في نظائرَ هذه الآيات يكثرُ تتبعها، أضافَ في جميعها
الاكتساب إليهم، وذلك لا ينافي ما أخبرَ به من خَلْقه لأفعالِهم على ما بيتاه
وَرتبْنَاه.
ثم بيَّن تعالى أن سبب ضَلالَهم بما اكتسبوا مما نهُوا عنه، كان من عنده
ومن قبلِه في آياتٍ كثيرة، كما بيّن أنه خالقٌ لأفعالِهم في آياتٍ كثيرةٍ فقال
تعالى: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) ، فأضاف صرْفَ
قلوبِهم إلى نفسِه، وهو سببُ انصرافِهم عن الحقِّ، وقال: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا) .
وقال: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨) ، وقال: (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا) .