أي: تكذبون في قولكم لو شاء اللهُ ما أشركنا فقد أكذَبَهم في هذا القول.
قيل لهم: معاذَ اللهِ أن يكون أكذبهم في هذا القول مع اعتقاد صحته
والإيمان به، وكيف يكذبهم فيه وهو قد أخبرَ به على ما قد بيَّناه من قبل.
وإنما عنى تعالى بقوله: (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) .
أي:
تكذبون بقولكم إن اللهَ حرَّم هذا وحرَّم السائبةَ علينا والوَصِيلة والحام.
والبحيرة وأنه شرع ذلك لهم، قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ) ، أي: لم يفعل ذلك.
وقال تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) ، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ، فعلى مثل هذا قال: إن أنتم إلا تخرصون في ادعائكم تحريمَ اللهِ سبحانَه ما لم يحرمه فبطل بذلك ما تعلَّقوا به.
فأمَّا ما تعلَّقوا به من قوله: (كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) ، فإنه لا تعلٌّقَ فيه، لأن اللهَ تعالى قال: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا) موضع الوقف وانقطاع الكلام، ثم تبدأ بقوله: (حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) ، وذلك أنّ اليهود قالوا: كل الأنبياء من ولد إسحق، فما بالُ هذا من ولد إسماعيل، فحَسدوه إذ لم يكن من أنفسِهم من بين إسرائيلَ وعاندوهُ وأصحابه، وحتى بعثَ