ويقرئهم القرآنَ إلى أن انتشرَ الإسلام بالمدينة واستعلى، وكانت العَقَبةُ
الثانية، وذُكِرَ أنّ مصعبَ بن عمير عاد إلى النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
بعض تلك الأيام إلى مكة ثم عاد إلى المدينة وهاجر ابنُ أمّ مكتومِ معه.
أو بعده، وكان مصعبٌ وابنُ أم مكتوم يُقرِئان القرآنَ بالمدينة إلى توافي
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة مهاجرينَ إليها.
ولما افتتح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مكةَ خلَّفَ بها معاذَ بن جبلِ يُعلّم
الناسَ القرآن، ويفقِّههم في الدين، وقال عبادة بن الصامت: "كان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قَدِمَ عليه الرجلُ مهاجراَ دفعه إلى رجلِ منا يُعلمه
القرآن، قال: فدفع إليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً وكان معي في البيت
أعشِّيه عشاءَ البيت وأُقرِئه القرآن، وقال عبادةُ أيضًا: "علّمتُ رجلاً من
أهل الصُّفّة القرآنَ والكتابة".
وكان المسلمون بأرض الحبشة لما هاجروا إليها يتدارسون القرآنَ
ويحاجُّون به مخالفيهم، ويستظهرون به على الطاعن في دينهم، وذكروا أنه لمّا
أُنزلت: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) .
مع آياتِ أنزلها الله تعالى في مُحاجّة أهل الكتاب كتب بهنّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -