وقد عرضَ الدكتور أحمد بدوي لبعض ما تراءى له من شعره الذي رسم شيئاً من أحواله وعلاقاته ومواقفه غير المعلنة، وألخصها بما يلي:
* سخطه على عصره وعلى الأيام التي تضع من قدر العلماء وترفع من شأن الجهلاء من خلال قولته الشعرية الصادمة:
كبِّرْ على العِلْم، لا تَرْمْهُ
... ومِلْ إلى الجَهْل مَيْلَ هائِمْ
وعشْ حماراً تعشْ سعيداً
... فالسعد في طالع البهائم
أو قوله، على سخطٍ وأَنفةٍ مؤلمة:
هذا زمانٌ ليس فيه
... سوى النَّذالةِ والجَهالَهْ
لم يَرْق فيه صاعِدٌ
... إلاَّ وسُلَّمه النذالة
بَرَمُه بالناس وبنفسه وشعور بما يشبه حبسة اللسان. ولم يتوافق ذلك مع ورعه وسكونيَّته وطولِ باعه في الكلام المرسل المحكم المتدفق ..
* صمت المؤرخين على وضعه الأسروي، زوجةً وولداً، وأمًّا وأَباً وأشَّقاء
... والأرجح أن يكون والداً وزوجاً، لكنَّ تفرغه للعلم والدين، ولقاصديه من أهل العلم والمعرفة، شغلَ الناسَ عن أمور أسرته، وحصَرها بجهاده العلمي المنوع بين نحو وتفسير وأدب وشعر وثقافة فكرية متعددة الينابيع ما بين يونانية وفارسية وهندية، فضلاً عن ثقافته العربية القرآنية الواسعة؛ فتنوعت كتاباته ومصنفاته بين نحو وبلاغة وتفسير وفقهٍ وأدب، لذلك وجدنا تراجم له في تراجم الطبقات الشافعية، وطبقات المفسِّرين، وطبقات النحاة، وطبقات الأدباء والبلغاء.
آثاره
لم يترك الجرجاني آثاراً عديدة، ولكنه نوَّع فيما ترك، وذاع صيت بعض آثاره بما يغني عن التعداد والكثرة. وسأعرض لها تباعاً بحسب انتمائها العلمي.
أ - في النحو
1 - المغْني، كتاب كبير وضعَه في ثلاثين مجلَّدة، كناية عن شرح مبسط لكتاب: "الايضاح في النحو" لأبي علي الفارسي المتوفي سنة 377هـ/ 987م وهو كتاب مقسَّم بين النحو والصرف، أثار من إعجاب الجرجاني أن وضع لأَجله أربعة كتب، أولها "المغني"
...2 - "المقتصد" ثلاث مجلدات، أو أقسام، وهو ملخص "للمغني" وقد أَتمّه الجرجاني بخط يده في رمضان سنة454 هـ.