ذلك هو دأبي ومنهجي: احترام جهود الآخرين ونَسْبها إليهم، واحترام الأمانة العلمية واعتماد الجرأة في قول الحقيقة. فإنَّ "لا أدري" لَمِنَ العلم.
بقيتْ كلمة يجب أن تقال في هذه الطبعة، ألا وهي أنْ ليس فيها من التحقيق زيادةً عمَّا فعلتُه إلاَّ بعضُ التوضيحات الهامشيَّة (نسبة إلى الهوامش) لفروق طفيفة بين هذه النسخة وتلك، ولكنها، لم تَحِد عن نص طبعة الشيخَيْن قيد أنملة، في حدود ملاحظتي ومتابعتي، فيما لا يكاد يُلحظ. إلاَّ إذا كانتِ النّسخ التي بحوزة المحققين الكريمين هي عينها التي اعتمدها الإمام محمد عبده.
حتى الخطأ القرآني الذي وقعت فيه طبعة الشيخين، في استخدام الآية القرآنية (130) من سورة الشعراء الواردة في (الدلائل) ص 411، قد اعتمدته الطبعة الدمشقية بحرفيته (ص 359) - والخطأ القرآني هو:
{وإذ بطَشْتُم بَطَشْتُم جبَّارين} الشعراء: 130 والصحيح: {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} الشعراء: 130
الكتاب وجهود الشارحَيْن
أوضح الشيخ رشيد رضا، في مستهل تقديمه للكتاب، حدود صنيعة وطبيعتَه بالمقارنة والمقابلة مع صنيع الإمام محمد عبده، فأكد أنه - عند هجرته إلى مصر لإنشاء مجلة "المنار" - وجد الإمام عبده مشتغلاً بتصحيح كتاب دلائل الإعجاز، وقد أشرك معه في ذلك، إمامَ اللغة في عصره الشيخ محمد الشنقيطي
... وأنّ دوره اقتصر على "تصحيح الكتاب المطبوع وتفسير بعض الكلمات الغريبة فيه وفي شواهده بالاختصار" (ص: ح).
وقد وفى الشيخ رضا بما رسمه لنفسه وطُلب إليه؛ فقام بالتصحيح، وحافظَ على حواشي الإمام بأمانة شديدة
... ولكنه لم يتردد في تسجيل بعض الملاحظات على حواشي الإمام كلما وجد ذلك مناسباً وضرورياً. لكنَّ هذه الملاحظات كانت تالية لحواشي الإمام. وكانت له حصة يسيرة من النقد والتعليق الذي يصل حد المخالفة والتصويب لما أبداه الإمام في حواشي نسخته، علماً بأنه لم يصرِّح بذلك ولم يقصد إليه، بل لم ير فيه إلاَّ الاستدراك أو التوضيح لِمَا يحتاج إليه القارئ: