وفي مادة (خبت) يقول:
الخبت: المطمئن من الأرض، وأخبت الرجل: قصد الخبت أو نزله. نحو: أسهل وأنجد.
فهذا المعنى الحقيقي، ثم قال:
«ثمّ استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضع» .
فهذا المعنى المجازي، والعلاقة بينهما المشابهة، ثم قال:
قال الله تعالى: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ، وقال: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ أي:
المتواضعين، نحو: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ.
ففسّر القرآن بالقرآن، ثم قال: وقوله تعالى: فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ أي: تلين وتخشع.
والإخبات هاهنا قريب من الهبوط في قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.
ففسّر القرآن بالقرآن أيضا.
وفي مادة (مرد) يقول:
قال تعالى: وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ. والمارد والمريد من شياطين الجن والإنس: المتعري من الخيرات.
فهذا المعنى المجازي، وأصله كما قال: من قولهم: شجر أمرد: إذا تعرّى من الورق.
فالجامع بين المعنيين العري. ثم قال:
ومنه قيل: رملة مرداء: لم تنبت شيئا، ومنه: الأمرد، لتجرّده عن الشعر.
وروي: «أهل الجنّة مرد» قيل: حمل على ظاهره. وقيل: معناه: معرّون من الشوائب والقبائح.
ففسّر الحديث أولا على قول اللغويين والمحدّثين، ثم ذكر قول الحكماء ثانيا. ثم قال:
ومنه قيل: مرد فلان عن القبائح، ومرد عن المحاسن وعن الطاعة.
قال تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ أي: ارتكسوا عن الخير، وهم على النفاق.
وقوله تعالى: مَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
أي: مملّس. من قولهم: شجرة مرداء: إذا لم يكن عليها ورق، وكأنّ الممرد إشارة إلى قول الشاعر:
في مجدل شيّد بنيانه
... يزلّ عنه ظفر الظافر