كتاب العينعبدالعُبُودِيَّةُ: إظهار التّذلّل، والعِبَادَةُ أبلغُ منها، لأنها غاية التّذلّل، ولا يستحقّها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى، ولهذا قال: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
الإسراء/ 23 .
والعِبَادَةُ ضربان:
عِبَادَةٌ بالتّسخير، وهو كما ذكرناه في السّجود.
وعِبَادَةٌ بالاختيار، وهي لذوي النّطق، وهي المأمور بها في نحو قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
البقرة/ 21 ، وَاعْبُدُوا اللَّهَ النساء/ 36 .
والعَبْدُ يقال على أربعة أضرب:
الأوّل: عَبْدٌ بحكم الشّرع، وهو الإنسان الذي يصحّ بيعه وابتياعه، نحو: الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ
البقرة/ 178 ، وعَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ
النحل/ 75 .
الثاني: عَبْدٌ بالإيجاد، وذلك ليس إلّا لله، وإيّاه قصد بقوله: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً
مريم/ 93 .
والثالث: عَبْدٌ بالعِبَادَةِ والخدمة، والناس في هذا ضربان:
عبد لله مخلص، وهو المقصود بقوله:
وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ
ص/ 41 ، إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً
الإسراء/ 3 ، نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ
الفرقان/ 1 ، عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ الكهف/ 1 ، إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ
الحجر/ 42 ، كُونُوا عِباداً لِي
آل عمران/ 79 ، إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
الحجر/ 40 ، وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ
مريم/ 61 ، وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً
الفرقان/ 63 ، فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا
الدخان/ 23 ، فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا
الكهف/ 65 .
وعَبْدٌ للدّنيا وأعراضها، وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها، وإيّاه قصد النّبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «تعس عَبْدُ الدّرهمِ، تعس عَبْدُ