المائدة/ 66 ولم يأمر تعالى بالصلاة حيثما أمر، ولا مدح بها حيثما مدح إلّا بلفظ الإقامة، تنبيها أنّ المقصود منها توفية شرائطها لا الإتيان بهيئاتها، نحو: أَقِيمُوا الصَّلاةَ البقرة/ 43 ، في غير موضع وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ النساء/ 162 .
وقوله: وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى
النساء/ 142 فإنّ هذا من القيام لا من الإقامة، وأمّا قوله: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ إبراهيم/ 40 أي: وفّقني لتوفية شرائطها، وقوله: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ التوبة/ 11 فقد قيل: عني به إقامتها بالإقرار بوجوبها لا بأدائها، والمُقَامُ يقال للمصدر، والمكان، والزّمان، والمفعول، لكن الوارد في القرآن هو المصدر نحو قوله: إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً
الفرقان/ 66 ، والمُقَامةُ:
الإقامة، قال: الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ فاطر/ 35 نحو: دارُ الْخُلْدِ فصلت/ 28 ، وجَنَّاتِ عَدْنٍ التوبة/ 72 وقوله: لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا
الأحزاب/ 13 ، من قام، أي: لا مستقرّ لكم، وقد قرئ:
لا مُقامَ لَكُمْ
«1» من: أَقَامَ. ويعبّر بالإقامة عن الدوام. نحو: عَذابٌ مُقِيمٌ
هود/ 39 ، وقرئ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ «2» الدخان/ 51 ، أي: في مكان تدوم إقامتهم فيه، وتَقْوِيمُ الشيء: تثقيفه، قال: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ التين/ 4 وذلك إشارة إلى ما خصّ به الإنسان من بين الحيوان من العقل والفهم، وانتصاب القامة الدّالّة على استيلائه على كلّ ما في هذا العالم، وتَقْوِيمُ السّلعة: بيان قيمتها. والقَوْمُ: جماعة الرّجال في الأصل دون النّساء، ولذلك قال: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ الآية الحجرات/ 11 ، قال الشاعر:
381-
أقوم آل حصن أم نساء
«3» وفي عامّة القرآن أريدوا به والنّساء جميعا، وحقيقته للرّجال لما نبّه عليه قوله: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ الآية النساء/ 34 .
قوىالقُوَّةُ تستعمل تارة في معنى القدرة نحو قوله