إليها، فلما طلقها رجع عليها بنصفه، فإذا عفا فمعناه: ترك حقه عليها، وإن كان بطريق الهبة.
وقد بينا أن الصداق تارة يكون عينا، وتارة يكون دينا، ولا يتحقق معنى العفو فيه، إلا أن يجعل العفو كناية عن الهبة بضرب من المجاز.
وأقوى كلام لمن يحمل على الولي، أن العفو منهما يجب أن يرجع إلى النصف المذكور، لا إلى النصف الذي لم يجر له ذكر، وقد ذكرنا الكلام عليه.
والذي وجه عليهم من قوله تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) (237) ، وأن ذلك إنما يتحقق في الذي يسقط حق نفسه لا حق غيره، فهو أقوى كلام عليهم، في أن المراد به الزوج.
ولكن ربما يقولون: عنى به الذي بيده عقدة النكاح والنساء، ولأن الذي بيده عقدة النكاح أفرد ذكره، ولو كان هو المعنى لقال: «وأن تعفوا أنتم أقرب للتقوى» .
ولو عنى به جميع النساء لقال: وأن تعفون، فلما قال: (وَأَنْ تَعْفُوا) جمع بينهما. وإذا جمع النساء مع الرجال، كان جمعهم على التذكير.
وهذا غلط عظيم، فإنه إذا ذكر الجميع وغلب لفظ التذكير لأجل إرادة الولي، لزم منه أن يكون العفو أقرب للتقوى في حق الولي، كما كان أقرب للتقوى في حق الزوج والمرأة، وذلك محال.
قوله تعالى: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) (237) :
يدل على تأكيد الأمر في الصلاة الوسطى.