كان أصل القنوت الدوام على الشيء، جاز أن يسمى مديم الطاعة قانتا.
وكذلك من أطال القيام والقراءة والدعاء في الصلاة، أو أطال الخنوع والسكوت، كل هؤلاء فاعلون للقنوت..
وروي أن النبي عليه السلام قنت شهرا، يدعو فيه على حي من أحياء العرب- أراد به إطالة قيام الدعاء.
وروي عن أبي عمرو الشيباني قال:
«كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى:
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت» .
فأبان أن ذلك يقتضي النهي عن الكلام في الصلاة، وكذلك قال زيد ابن أرقم.
وقد ورد القنوت في القرآن لا بمعنى السكوت في قوله:
(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) «1» والمراد به الخشوع والطاعة.
وقال في موضع آخر: (وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) «2» .
وقال في قصة مريم: (اقْنُتِي لِرَبِّكِ) «3» .
ورد في التفسير عن مجاهد، أنها كانت تقوم حتى تتورم قدماها.
والشافعي يرى أن الأمر بالسكوت إنما يتناول العالم بالصلاة، فأما الساهي عن الشيء، فلا يتناوله الأمر، وهذا مما لا يشك فيه محصل.