ومعنى الغرم، أنه يلزمه حكم تلفه، فإذا تلف فإنما تلف على الراهن حتى يجب عليه الدين، أو إبدال مرهون آخر إذا كان قد شرط الرهن في العقد.
وهم يقولون على الراهن غرمه، حال بقائه، حتى لا يملك المرتهن بعد الأجل الرهن، وإنما الدين على الراهن كما كان من قبل.
وله غنمه أي زيادته، فإذا زادت قيمته فالزيادة للراهن وإذا نقصت فعلى الراهن تكلف الزيادة إلى تمام الدين.
وزعموا أن ذلك يدل على أن الشرط الذي لا يوافق الرهن إذا ذكر في العقد، لا يفسد العقد بل يفسد الشرط، وهذا الذي ذكروه، وتقدير حكاية لا يدل اللفظ عليها، وقد عرفنا أن تقدير الحكايات لتنزيل الألفاظ عليها لا يجوز، والشافعي يحكم بفساد الرهن باشتراط الملك للمرتهن عند انقضاء الأجل، وأبو حنيفة يخالف في ذلك..
قوله تعالى: وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ (282) يدل على أنه مؤتمن فيما يورده ويصدره، فيقتضي ذلك قبول قول الراهن إذا اختلف هو والمرتهن في مقدار الدين، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأكثر العلماء.
ومالك يقول: القول قول المرتهن، فيما بينه وبين قيمة الرهن، ولا يصدق على أكثر من ذلك، وكأنه يرى أن الرهن وثمنه شاهد للمرتهن.
وقوله تعالى: وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ يرد عليه، فإن الذي عليه الحق هو الراهن..
فإن قال قائل: إن الله تعالى جعل الرهن بدلا عن الشهادة، والكتاب والشهادة دالة على صدق المشهود له، والرهن الذي هو بدله قام مقامه،