فيستنبط منها الفوائد، ويقاس عليها فسماها أم الكتاب: أي الأم والأصل من الكتاب.
فعلى المحمل الأول، إذا قلنا معنى أم الكتاب أن المتشابهات مردودة إلى المحكمات، ومعتبرة بها، ومقيسة عليها، فالمتشابهات هي التي تحتمل معاني مختلفة، فيتعرف مراد الله منها بالمحكمات.
وإذا لم يقل ذلك، فالمتشابهات يجوز أن يعنى بها ما لم يعلم معناه من آيات الساعة وغيرها، وحروف التهجي التي ظن قوم أنها أودعت معاني لا يعلمها إلا الله، وإن كان ذلك فاسدا عندنا.
والمتعلق بالأحكام أن تأويل ما يتعلق بأحكام الشرع واجب، وما لا يتعلق به فلا يجب ويجوز.
وقد ظن قوم أنه لا يجوز لأنه تعالى قال:
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ «1» فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) (7) .
وقد جعل قوم تمام الكلام عند قوله: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (7) وجعل الواو في قوله: (وَالرَّاسِخُونَ) للجمع.
ومنهم من جعل تمام للكلام عند قوله: (إِلَّا اللَّهُ) ، وأن معناه (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) يعني تأويل المتشابهات، والراسخون في العلم يعلمون بعضه قائلين: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، بما نصب من الدلائل في المحكم، ومكن من رده اليه، فإذا علموا تأويل بعضه ولم يعلموا البعض قالوا: آمنا بالجميع، كل من عند ربنا، وما لم يحط علمنا به من الخفايا مما في شرعه المصالح، فعلمنا عند ربنا.