بل المراد به الصلاة، ولذلك قال: (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) والذي ذكرتم يعلم ذلك.
فيقال: هذا في ضرب المثل، كالذي يقول للغضبان: اتئد وتثبت حتى يرجع إليك نفسك وتعلم ما تقول، إلا أن المراد به عدم العلم حقيقة.
وأبو حنيفة يخالف ذلك ويقول: بل المراد به أيضا، إذا حمل ذلك على الصلاة حمل قوله: إلا عابري سبيل، على الجنب المسافر إذا لم يجد الماء، فإنه يتيمم ويصلي، فيتعين إضمار عدم الماء فيه، وإذا عدم الماء في الحضر، كان كذلك.
وأحسبه يقول: بنى على الغالب، في أن الماء لا يعدم في الحضر، فيقال: فالذي يتيمم ليس جنبا عندكم حتى يصلي صلوات التيمم، وأحسبه يمنع هذا أيضا ويكابر، فيقال له:
إن تيمم الجنب، قد ذكره الله تعالى بعد هذا، بل فصل فقال:
(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) «1» .
وكيف يذكر المسافر والسفر، ثم يذكر بعده من غير فصل؟ وهذا واضح في بطلان قوله:
وأما إذا أراد التيمم، ذكر الوجوه التي بها يجوز التيمم، فذكر المرض وذكر السفر، وذكر المجيء من الغائط، وعدم الماء مطلقا في أي موضع كان، فكيف عنى بعابر السبيل المسافر ها هنا، ولم يذكر