يجاهد لا يثاب ثواب المجاهدين، إلا أن يعلم الله تعالى من نيته أنه لو كان الجهاد لجاهد، فإنه يستحق الأجر على قدر نيته، لقوله تعالى:
(غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) .
وفيه رد على المعتزلة، لأنهم يمنعون التسوية بين أولي الضرر والمجاهد على فاسد أصولهم، ونص القرآن يبطل قولهم.
قوله تعالى: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية (101) .
فأباح القصر بشرطين: الضرب في الأرض، والخوف.
وظن ظانون أن المراد بالقصر ها هنا، القصر في صفة الصلاة، بترك الركوع والسجود إلى الإيماء، وترك القيام إلى الركوب.
والرازي اختار هذا وقال: الذي حمله على أن القصر عزيمة عندهم، وأن فريضة الصلاة في حق المسافر ما نزلت إلا ركعتين فلا قصر، ولا يقال في العزيمة لا جناح، ولا يقال فيما شرع ركعتين إنه قصر، كما لا يقال في صلاة الصبح ذلك، فلا جرم اختار الأول.
واحتج عليه بأن الله تعالى قيد القصر بشرطين، والذي يعتبر فيه الشرطان إنما هو صلاة الخوف.
والذي ذكره فاسد من وجهين:
أحدهما: أن صلاة الخوف لا يعتبر فيها الشرطان، فإنه لو لم يضرب في الأرض، ولم يوجد السفر، بل جاءنا الكفار وغزونا في بلادنا، فتجوز صلاة الخوف، فلا يعتبر وجود الشرطين على ما قاله.