ولكن لما لم يقل إنهم ينصرفون كرة أخرى، حمل الشافعي قوله:
فإذا سجدتم «1» يعني فإذا صليتم، فالذي ذكره الشافعي رضي الله عنه، ليس فيه إلا أن المأموم يقطع نية القدرة، وذلك ليس نية بعد.
وعلى ما قاله أبو حنيفة تجري ترددات في خلال الصلاة، وهي خارقة نظام الصلاة من غير حاجة، ومعلوم أن قطع نية القدوة أمثل من احتمال ترددات لا لحاجة في خلال الصلاة.
وأبو حنيفة قد قال في الذي سبقه الحدث، إنه يتردد «2» وصلاته صحيحة، وذلك أيضا خلاف الأصول، فلا جرم قال أبو يوسف:
الذي كان من ذلك على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، لا يجوز مثله بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإنما كان مختصا به لئلا يفوت الناس الجماعة معه، لأنه رأى أشياء تخرم نظام الصلاة، فأما نحن، فلا يحتمل ما يخالف نظام الصلاة، وإنما قصارى ما يفعله المأموم قطع نية القدوة فقط، وذلك غير ممنوع شرعا.
وإذا كان الخوف أشد من ذلك، وكان التحام القتال، فإن المسلمين يصلون على ما أمكنهم مستقبلي القبلة ومستدبريها، وأبو حنيفة وأصحابه الثلاثة متفقون على أنهم لا يصلون والحالة هذه، بل يؤخرون الصلاة، وإن قاتلوا في الصلاة قالوا فدت الصلاة.
وحكي عن الشافعي رضي الله عنه: إن تابع الطعن والضرب فسدت صلاته.
وليس في القرآن تعرض لذلك على الخصوص، وإنما فيه: