فدل مطلق الصيد على تحريم اصطياد كل ما يصطاد من بري أو بحري، لولا ما استثناه من البحري.
ولما قال لا تقتلوا، أمكن أن يكون تنبيها على أن ذبيحة المحرم ميتة، لأن الله تعالى سماها قتلا، والمقتول لا يؤكل، وإنما المأكول هو الذي يذبح.
ويحتمل أن يقال: إن القتل والذبح في عرف اللغة واحد، فهذا إن كان فرقا، فهو فرق مأخوذ من عرف الشرع، وليس يظهر من عرف الشرع هذا، فإن الله تعالى يقول: (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) وكان ذلك محرما، ويقال ذبيحة المجوسي وذبيحة الوثني.
نعم الذي يقطع منه الحلق واللبة، يسمى في العرف والعادة مذبوحا سواء كان مباحا أو محرما، والذي يرمى من بعيد ولا يذبح من المذبح المعتاد، يسمى مقتولا، ويسمى ذلك الفعل قتلا، قال الله تعالى:
(وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) «1» .
وكل ذلك محرم.
ومنه ما سمي مذبوحا، ومنه ما سماه موقوذا، فلا يتعلق بمجرد هذا الاسم، فلأجل ذلك اختلف قول الشافعي، وأبو حنيفة جعل ذلك أصلا، فقال إذا قال: لله تعالى عليّ أن أذبح ولدي، لزمه ذبح شاة.
وإذا قال: لله عليّ أن أقتل، لا يلزمه شيء.
وإذا ثبت هذا، فأبو حنيفة يرى اتباع عموم تحريم الصيد، فأوجب الجزاء بقتل النمر والفهد والسباع المؤذية العادية لطباعها، إذا قتلها المحرم من غير صيال منها.