فبين الله تعالى أن المعلوم من حالهم الغدر عند التمكن، وأنهم ينتهزون فرصة الاغتيال والمجاهرة بسر المكاشفة.
وبين أنهم في إظهار التمسك بالعهد منافقون لقوله: (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) «1» وقوله: (إِلًّا) ، يحتمل القرابة والعهد والجوار.
ويحتمل أن يكون من أسماء الله تعالى يحلف به، فأبان أنهم لا يثبتون على العهد واليمين.
قوله تعالى: (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) ، الآية/ 11.
هذا فيه تأمل، فإنا إن جعلنا لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة على مذهب الشافعي أثرا في تخلية سبيلهم، فليس لهما اختصاص أصلا بكون مقيمهما أخا لنا في الدين، فإن مجرد الإسلام كاف في هذا المعنى ولا وجه له، إلا أن ذكرهما يدل على ما عداهما.
فإن الصلاة هي الوظيفة الكبرى المختصة بديننا وشرعنا.
والزكاة هي الوظيفة الشاقة على المكلفين وما كانت لهم عادة بهما.
فأبان أن الدخول فيهما دخول فيما سواهما.
وأبان أنه وإن تمسك بالكفر دهرا طويلا فإذا تاب صار في الحال بمثابة من كان معنا دهرا طويلا على الإسلام، حتى يجب علينا نصرته وموالاته.
قوله تعالى: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ) ، الآية/ 12.