فقال تعالى: مالهم أن يتفرقوا في السرايا ويتركوا النبي عليه السلام في المدينة وحده ولكن تبقى بقية لتنفعه، ثم ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.
وقال الحسن: لتتفقه الطائفة النافرة، ثم تنذر إذا رجعت إلى قومها.
وهذا التأويل أشبه بظاهر الآية.
قال الله تعالى: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) ، الآية/ 122.
فظاهر الكلام يقتضي أن تكون الطائفة النافرة هي التي تتفقه وتنذر قومها.
وفي الآية دلالة على وجوب طلب العلم، وأنه من فروض الكفاية في بعض المعلومات، وفرض عين في بعض.
وفيه دلالة على لزوم قبول خبر الواحد في أمور الديانات التي لا يجب على الكل معرفتها، ولا تعم الحاجة إليها.
قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) ، الآية/ 123.
وقال في موضع آخر.
(قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) «1» .
وأوجب قتال جميع الكفار في وقت واحد، وإن الممكن فيه قتال طائفة، وكان من قرب منهم أولى وأقرب إلى الجرم، وليس ذلك نافيا لقوله:
(قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ) فإنه إذا قال: (الَّذِينَ يَلُونَكُمْ) ، فإذا فرغ منهم وصارت الديار للإسلام فالذي يليهم بمثابته، حتى يستوعب الكفار.
فهذا تمام ما أردنا بيانه في هذه السورة.