وَالْبَشَرَةِ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُشْرِبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ ثُمَّ يَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ ثَلَاثًا».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْفِنَ عَلَى رَأْسِهِ فِي الْجَنَابَةِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يُغَلْغِلَ الْمَاءَ فِي أُصُولِ شَعْرِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ إلَى أُصُولِهِ وَبَشَرَتِهِ قَالَ وَإِنْ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ صَبًّا وَاحِدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ تَغَلْغَلَ الْمَاءُ فِي أُصُولِهِ وَأَتَى عَلَى شَعْرِهِ وَبَشَرَتِهِ أَجْزَأَهُ وَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَقْطَعُ بَيْنَ كُلِّ غَرْفَةٍ مِنْهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِنْ كَانَ شَعْرُهُ مُلَبَّدًا كَثِيرًا فَغَرَفَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَتَغَلْغَلْ فِي جَمِيعِ أُصُولِ الشَّعْرِ وَيَأْتِ عَلَى جَمِيعِ شَعْرِهِ كُلِّهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْرِفَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُغَلْغِلَ الْمَاءَ حَتَّى يَعْلَمَ عِلْمًا مِثْلَهُ أَنْ قَدْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ مَحْلُوقًا أَوْ أَصْلَعَ أَوْ أَقْرَعَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ يَأْتِي عَلَى بَاقِي شَعْرِهِ وَبَشَرَتِهِ فِي غَرْفَةٍ عَامَّةٍ أَجْزَأَتْهُ وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ بِثَلَاثٍ لِلضَّفْرِ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَصِيرُ الْمَاءُ إلَى بَشَرَتِهَا وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَا لِمَّةٍ يَغْرِفُ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ كَانَ وُضُوءُهُ فِي عَامَّةِ عُمُرِهِ ثَلَاثًا لِلِاخْتِيَارِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَاحِدَةٌ سَابِغَةٌ كَافِيَةٌ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِهَا اسْمُ غُسْلٍ وَوُضُوءٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ عَلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرِ.
بَابُ مَنْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنْ تَرَكَهُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِصَلَاةٍ إنْ صَلَّاهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْضَحَ فِي عَيْنَيْهِ الْمَاءَ وَلَا يَغْسِلَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا ظَاهِرَتَيْنِ مِنْ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّ دُونَهُمَا جُفُونًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا ظَاهِرَتَانِ وَيُدْخِلُ الْمَاءَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ الصِّمَاخِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ فِيمَا بَطَنَ مِنْهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يُدَلِّكَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ جَسَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَتَى الْمَاءُ عَلَى جَسَدِهِ أَجْزَأَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ إنْ انْغَمَسَ فِي نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ فَأَتَى الْمَاءُ عَلَى شَعْرِهِ