أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ
... تَرْضى مِنَ الشاةِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
وقال الكوفيون: " إنْ " بمعنى " ما " و " اللام " بمعنى " إلا "، والتقدير: ما هذان إلا ساحران، وهذا قول جيد. إلا أنّ البصريين ينكرون مجيء " اللام " بمعنى " إلا ".
والقول على قراءة عاصم من طريق حفص كالقول على قراءة ابن كثير.
فأما تشديد النون في قراءة ابن كثير ففيها وجهان:
أحدهما: أن يكون تشديدها عوضاً من ألف (هذا) التي سقطت من أجل حرف التثنية.
والثاني: أن يكون للفرق بين النون التي تدخل على المبهم والتي تدخل على المتمكن، وذلك أنَّ هذه النون إنما هي وجدت مشددة مع المبهم.
وقد قيل: إنما شددت للفرق بين النون التي لا تسقط في الإضافة، والنون التي تسقط في الإضافة.
وأما قراءة أبي عمرو: فوجهها بيِّن؛ لأنّ (إنَّ) تنصب الاسم وترفع الخبر، إلا أنها مخالفة للمصحف، وقد قرأ بذلك عيسى بن عمر، واحتجا بأنه غلط من الكاتب، وقد رُوي مثل ذلك عن عائشة رضي الله عنها، رواه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وكان عاصم الجحدري يقرأ كذلك، فإذا كتب كتب (إن هذان)، واحتجوا له بقول عثمان رضي الله عنه:
(أرى في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها)، وهذان الخبران لا يصححهما أهل النظر، ولعل أبا عمرو وعيسى بن عمر وعاصما الجحدري ما قرأوا إلا ما أخذوه عن الثقات من السلف.