وهو كما قال؛ لأنَّ الوجه الأول ضعيف. أما البيت الأول فالرواية المشهورة فيه:
مِنَ النَفَرِ البِيضِ الذينَ إِذا هُم
... يُهابُ اللئامُ حَلقةَ البَابِ قعقعوا
وأما البيت الثاني فلأن (لا) فيه زائدة، والعرب تزيد (إن) مع (ما) نحو قول النابغة:
فَمَا إِنْ كَانَ مِنْ نَسَبٍ بَعِيد
... وَلكِن أُدركوكَ وَهُم غِضَابُ
وكذا قول الأخر:
فَمَا إِنْ طِبُّنا جُبْنٌ وَلَكِنْ
... مَنايانا ودَوْلةُ آخَرينا
وهذا إن شاع في الحروف فإنَّه في الأسماء بعيد و (ما) و (أنّ) اسمان في تأهيل المصدر، إلا أنّه يجوز أن تكون (ما) حرفاً فيسوغ زيادتها، ولا يسوغ إذا كانت مصدرية؛ لأنها في حيز الأسماء ولا يستحسن زيادة الأسماء. وأما الحروف فيستحسن زيادتها لاسيما (ما) نحو قوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ)، و (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) ونحو قوله (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً) فـ (ما) في أحد القولين زائدة، وقد زادت العرب (ما) زيادة لازمة نحو قولهم: افعل ذلك آثراً ما.
قرأ الكسائي وحمزة وعاصم من طريقة أبي بكر (مثل) بالرفع، وهي قراءة الأعمش، وقرأ الباقون بالنصب، وهي قراءة الحسن. فالرفع على أنّه نعت للحق، وأما النصب ففيه ثلاثة أوجه: