وإن شئت جعلت (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وصفاً، وأضمرت الخبر حتى كأنَّه قال: وفيما كتب عليكم شهرُ رمضان. أي: صيام شهر رمضان.
* * *
فصل:
ومما يسأل عنه أن يقال: لِمَ لم يُكنّ عن (الشهر)؛ لأنّه قد جرى ذكره، كقولك: شهر رمضان المبارك من شهده فليصُمه؟
ْقيل: هذا كقوله (الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2)) و (الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2))، وما أشبه ذلك مما أعيد بلفظ التعظيم والتفخيم.
وأما دخول الفاء في قوله (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ)، فإن شئت جعلتها زائدة كما قال الشاعر:
لَا تَجْزَعِي إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه
... وإِذا هَلكتُ فعِنْدَ ذَلِكَ فاجْزَعِي
لابدّ أنّ تكون إحدى الفائين هاهنا زائدة؛ لأنّ (إذا) إنما يقتضي جواباً واحداً وإن شئت أنّ تقول دخلت الفاء؛ لأنّ فيه معنى الجزاء؛ لأنّ شهر رمضان وإن كان معرفةً فليس بمعرفة معينة، ألا ترى أنّه شائع في جميع هذا القبيل لا يُراد به واحد بعينه.
ويجوز فيه النصب من وجهين:
أحدهما: على الأمر، كأنّه قال: صوموا شهر رمضان.