وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ عَامٍ وَنِصْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ بِشَهْرَيْنِ.
وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عِدَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ؛ فَقَالَ: كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ.
وَرَوَى أَيْضًا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: «سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عِدَّةِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: كَمْ يَطْعَمُونَ كُلَّ يَوْمٍ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَوْمًا عَشْرًا وَيَوْمًا تِسْعَ جَزَائِرَ. فَقَالَ: الْقَوْمُ مَا بَيْنَ الْأَلْفِ إلَى التِّسْعِمِائَةِ»
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ، ثُمَّ قَعَدَ. ثُمَّ قَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فَقَامَ عُمَرُ فَتَكَلَّمَ، ثُمَّ قَعَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَشِيرُوا عَلَيَّ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: كَأَنَّك إيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا نَقُولُ لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلَا إنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلَا إنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ. لَوْ أَتَيْت الْيَمَنَ لَسَلَلْنَا سُيُوفَنَا وَاتَّبَعْنَاك. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خُذُوا مَصَافَّكُمْ».
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، هَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ: الْأَنْفَالُ، الْغَنَائِمُ، الْفَيْءُ.
فَالنَّفَلُ: الزِّيَادَةُ كَمَا بَيَّنَّا، وَتَدْخُلُ فِيهِ الْغَنِيمَةُ فَإِنَّهَا زِيَادَةُ الْحَلَالِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ. وَالْغَنِيمَةُ: مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِقِتَالٍ. وَالْفَيْءُ: مَا أُخِذَ بِغَيْرِ قِتَالٍ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ، وَهُوَ انْتِفَاعُ الْمُؤْمِنِ بِهِ.
مَسْأَلَة مَحَلِّ الْأَنْفَالِالْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي مَحَلِّ الْأَنْفَالِ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَحَلُّهَا الْخُمُسُ.