سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى مِنْ اللَّهِ، يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ، وَهُمْ يَدْعُونَ لَهُ الصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ».
وَقَدْ بَيَّنَ عُلَمَاءُ خُرَاسَانَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فَقَالُوا: إنَّ الْعُقُوبَاتِ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: مَا فِيهِ هَلَكَةُ الْمُعَاقَبِ.
وَالثَّانِي: مَا يَعُودُ بِمَصْلَحَةٍ عَلَيْهِ، مِنْ زَجْرِهِ عَمَّا ارْتَكَبَ، وَرَدِّهِ عَمَّا اعْتَقَدَ وَفَعَلَ.
الْآيَة الرَّابِعَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْزٌ ابْنُ اللَّهِالْآيَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} التوبة: 30.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي هَذَا مِنْ قَوْلِ رَبِّنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ كُفْرِ غَيْرِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْطِقُ بِهِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِعْظَامِ لَهُ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ شَاءَ رَبُّنَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَحَدٌ، فَإِذَا أَمْكَنَ مِنْ انْطِلَاقِ الْأَلْسِنَةِ بِهِ فَقَدْ أَذِنَ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ، عَلَى مَعْنَى إنْكَارِهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ.
مَسْأَلَة كُلُّ قَوْلِ أَحَدٍ إنَّمَا هُوَ بِفِيهِالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ} التوبة: 30:
كُلُّ قَوْلِ أَحَدٍ إنَّمَا هُوَ بِفِيهِ، وَلَكِنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَنَّهُ قَوْلٌ بَاطِلٌ لَا يَتَجَاوَزُ الْفَمَ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَحَرَّكَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بِاضْطِرَارٍ، وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ، فَيَقِفُ حَيْثُ