عَنْ الْفَقِيرِ إذَا جَالَسَهُمْ كُوِيَتْ جَنُوبُهُمْ، وَلَمَّا أَسْنَدُوا بِظُهُورِهِمْ إلَى أَمْوَالِهِمْ ثِقَةً بِهَا وَاعْتِمَادًا عَلَيْهَا دُونَ اللَّهِ كُوِيَتْ ظُهُورُهُمْ، هَذَا وَالْكُلُّ مَعْنًى صَحِيحٌ.
مَسْأَلَة عقوبة الْمُكْتَنِزُ إذَا كَانَ كَافِرًاالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إنْ كَانَ الْمُكْتَنِزُ كَافِرًا فَهَذِهِ بَعْضُ عُقُوبَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَهَذِهِ عُقُوبَتُهُ إنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّمَا عَظُمَ الْوَعِيدُ فِي هَذَا الْبَابِ لِمَا فِي اخْتِلَافِ الْعِبَادِ مِنْ الشُّحِّ عَلَى الْمَالِ وَالْبُخْلِ بِهِ؛ فَإِذَا خَافُوا مِنْ عَظِيمِ الْوَعِيدِ لَانُوا فِي أَدَاءِ الطَّاعَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْآيَة الثَّامِنَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًافِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة: 36.
فِيهَا ثَمَانِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمُوا أَنَارَ اللَّهُ أَفْئِدَتَكُمْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَزَيَّنَهَا بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَرَتَّبَ فِيهَا النُّورَ وَالظُّلْمَةَ، وَرَكَّبَ عَلَيْهَا الْمَصَالِحَ الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْعِبَادَاتِ الدِّينِيَّةَ، وَأَحْكَمَ الشُّهُورَ وَالْأَعْوَامَ، وَنَظَّمَ بِالْكُلِّ مِنْ ذَلِكَ مَا خَلَقَ مِنْ مَصْلَحَةٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَعِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ، وَعَلِمَ ذَلِكَ النَّاسُ أَوَّلًا وَآخِرًا، ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ فَقَالَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} آل عمران: 190 إلَى: الْأَلْبَابِ.
وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً} يونس: 5 إلَى: بِالْحَقِّ.
فَأَخَذَ كُلُّ فَرِيقٍ ذَلِكَ فَاضْطَرَبُوا فِي تَفْصِيلِهِ، فَقَالَ الرُّومُ: السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، وَالشُّهُورُ مُخْتَلِفَةٌ؛ شَهْرٌ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَشَهْرٌ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَشَهْرٌ وَاحِدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا.