مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى ثَانِيَ اثْنَيْنِالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} التوبة: 40: وَلِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ: تَقُولُ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَرَابِعُ أَرْبَعَةٍ، بِمَعْنَى أَحَدُهُمَا، مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
وَتَقُولُ أَيْضًا: خَامِسُ أَرْبَعَةٍ، أَيْ الَّذِي صَيَّرَهُمْ خَمْسَةً.
مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى إلَّا تَنْصُرُوهُالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {إِلا تَنْصُرُوهُ} التوبة: 40: يَعْنِي يُعِينُوهُ بِالنَّفِيرِ مَعَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ بِصَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَيَّدَهُ بِجُنُودِ الْمَلَائِكَةِ.
رَوَى أَصْبَغُ، وَأَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} التوبة: 40 هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
قَالَ: فَرَأَيْت مَالِكًا يَرْفَعُ بِأَبِي بَكْرٍ جِدًّا لِهَذِهِ الْآيَةِ.
قَالَ: وَكَانُوا فِي الْهِجْرَةِ أَرْبَعَةً، مِنْهُمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَرُقَيْطُ الدَّلِيلُ.
قَالَ غَيْرُ مَالِكٍ: يُقَالُ أُرَيْقِطُ قَالَ الْقَاضِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَحَقٌّ أَنْ يَرْفَعَ مَالِكٌ أَبَا بَكْرٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَفِيهَا عِدَّةُ فَضَائِلَ مُخْتَصَّةٍ لَمْ تَكُنْ لِغَيْرِهِ، مِنْهَا قَوْلُهُ: إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ، فَحَقَّقَ لَهُ تَعَالَى قَوْلَهُ لَهُ بِكَلَامِهِ، وَوَصَفَ الصُّحْبَةَ فِي كِتَابِهِ مَتْلُوًّا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} التوبة: 40.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّك بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهَا؟» وَهَذِهِ مَرْتَبَةٌ عُظْمَى، وَفَضِيلَةٌ شَمَّاءُ، لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ ثَالِثُ اثْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرٍ، كَمَا أَنَّهُ قَالَ مُخْبِرًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ ثَانِيَ اثْنَيْنِ.