وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ، وَكَفِّ الْعَدُوِّ عَنْ الْحَوْزَةِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مِنْ سَبِيلِ الْغَزْوِ وَمَنْفَعَتِهِ.
«وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّدَقَةِ مِائَةَ نَاقَةٍ فِي نَازِلَةِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ إطْفَاءً لِلثَّائِرَةِ».
مَسْأَلَة ابْنِ السَّبِيلِ هُوَ الَّذِي انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ فِي سَفَرِهِالْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ: قَوْله تَعَالَى {وَابْنِ السَّبِيلِ} التوبة: 60: يُرِيدُ الَّذِي انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ فِي سَفَرِهِ، وَغَابَ عَنْ بَلَدِهِ وَمُسْتَقَرِّ مَالِهِ وَحَالِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا.
قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: إذَا وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ فَلَا يُعْطَى.
وَلَيْسَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُدْخِلَ تَحْتَ مِنَّةُ أَحَدٍ، وَقَدْ وَجَدَ مِنَّةَ اللَّهِ وَنِعْمَتَهُ.
مَسْأَلَة ادَّعَى الرَّجُلُ اسْتِحْقَاق الزَّكَاة لكونه مِنْ أَهْلهَا هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَاالْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا جَاءَ الرَّجُلُ وَقَالَ: أَنَا فَقِيرٌ، أَوْ مِسْكِينٌ، أَوْ غَارِمٌ، أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ ابْنُ السَّبِيلِ، هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، أَمْ يُقَالُ لَهُ: أَثْبِتْ مَا تَقُولُ؟ فَأَمَّا الدَّيْنُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ.
وَأَمَّا سَائِرُ الصِّفَاتُ فَظَاهِرُ الْحَالِ يَشْهَدُ لَهَا وَيُكْتَفَى بِهِ فِيهَا.
ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ إلَيْهِ قَوْمٌ ذَوُو حَاجَةٍ مُجْتَابِي النِّمَارِ، فَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ».
وَفِي حَدِيثٍ: أَبْرَصُ وَأَقْرَعُ وَأَعْمَى قَالَ مُخْبِرًا عَنْهُمْ: «إنَّا عَلَى مَا تَرَى».
فَاكْتَفَى بِظَاهِرِ الْحَالِ.
وَكَذَلِكَ ابْنُ السَّبِيلِ يُكْتَفَى بِغُرْبَتِهِ، وَظَاهِرِ حَالَتِهِ، وَكَوْنُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَعْلُومٌ بِفِعْلِهِ لِذَلِكَ وَرُكُونِهِ فِيهِ.
وَإِنْ قَالَ: أَنَا مُكَاتَبٌ أَثْبَتَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الرِّقُّ حَتَّى يُثْبِتَ الْحُرِّيَّةَ أَوْ سَبَبَهَا.
وَإِنْ ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى الْفَقْرِ عِيَالًا، فَقَالَ الْقَرَوِيُّونَ: يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ إنْ قَدَرَ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبِيلٍ