الْآدَمِيِّينَ، وَتَكَلَّفَ إبْرَاهِيمُ الضِّيَافَةَ حَتَّى إذَا رَأَى التَّوَقُّفَ، وَخَافَ جَاءَتْهُ الْبُشْرَى فَجْأَةً، وَأَكْمَلُ الْمُبَشِّرَاتِ مَا جَاءَ فَجْأَةً وَلَمْ يَظُنَّهُ الْمَسْرُورُ حِسَابًا.
الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَاالْآيَةُ الْخَامِسَةُ:
قَوْله تَعَالَى: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} هود: 87.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كَانَ شُعَيْبٌ كَثِيرُ الصَّلَوَاتِ مُوَاظِبًا لِلْعِبَادَةِ، فَلَمَّا أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَيَّرُوهُ بِمَا رَأَوْهُ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الطَّاعَةِ.
مَسْأَلَة كَسْرُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} هود: 87:
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: كَانُوا يَكْسِرُونَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ. وَكَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ وَكَسْرُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ذَنْبٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهَا الْوَاسِطَةُ فِي تَقْدِيرِ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ وَالسَّبِيلُ إلَى مَعْرِفَةِ كَمِّيَّةِ الْأَمْوَالِ وَتَنْزِيلِهَا فِي الْمُعَارَضَاتِ، حَتَّى عَبَّرَ عَنْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنْ يَقُولُوا إنَّهَا الْقَاضِي بَيْنَ الْأَمْوَالِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَقَادِيرِ أَوْ جَهْلِهَا، وَإِنَّ مَنْ حَبَسَهَا وَلَمْ يَصْرِفْهَا فَكَأَنَّهُ حَبَسَ الْقَاضِيَ وَحَجَبَهُ عَنْ النَّاسِ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ إذَا كَانَتْ صِحَاحًا قَامَ مَعْنَاهَا، وَظَهَرَتْ فَائِدَتُهَا، فَإِذَا كُسِرَتْ صَارَتْ سِلْعَةً، وَبَطَلَتْ الْفَائِدَةُ فِيهَا، فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ؛ فَلِأَجْلِهِ حُرِّمَ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفَسَّرَهُ بِهِ. وَمِثْلُهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُمْ كُلِّهِمْ.