فَنَقُولُ: أَمَّا إنْ أَفْضَى التَّقْبِيلُ وَالْمُبَاشَرَةُ إلَى الْمَذْيِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى، وَأَمَّا إنْ خِيفَ إفْضَاؤُهُ إلَى الْمَنِيِّ فَذَلِكَ الْمَمْنُوعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى الْخَيْطُ الْأَبْيَضُالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ إنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} البقرة: 187 الْفَجْرَ وَيَتَأَخَّرُ الْبَيَانُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؟ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَقَعَ الْخَطَأُ عَنْ الْمَقْصُودِ لَا يَجُوزُ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْبَيَانَ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُدْرِكُهُ جَمِيعُ النَّاسِ؛ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ مَكْشُوفًا فِي دَرَجَةٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ إلَّا عَدِيٌّ وَحْدَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَنِّفْ عَدِيًّا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيَانَ فِيهِ جَلِيًّا.
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إنَّك لَعَرِيضُ الْقَفَا»، وَضَحِكَ؛ وَلَا يَضْحَكُ إلَّا عَلَى جَائِزٍ، وَلَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ لَهُ إلَّا تَعْرِيضُهُ لِلْغَبَاوَةِ.
مَسْأَلَةٌ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى الصَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ إذَا جَوَّزْنَا لَهُ الْوَطْءَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَيْهِ، وَهُوَ جُنُبٌ؛ وَذَلِكَ جَائِزٌ إجْمَاعًا؛ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِيهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - كَلَامٌ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَإِنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ، وَبِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ، وَمِنْ هَاهُنَا أَخَذَهُ بِاسْتِنْبَاطِهِ، وَغَوْصِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِالْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} البقرة: 187: الِاعْتِكَافُ فِي اللُّغَةِ هُوَ اللُّبْثُ، وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَقَلُّهُ لَحْظَةٌ، وَلَا حَدَّ