مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} البقرة: 193: إبَاحَةٌ لِقِتَالِهِمْ وَقَتْلِهِمْ إلَى غَايَةٍ هِيَ الْإِيمَانُ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ وَهْبٍ: لَا تُقْبَلُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ جِزْيَةٌ.
وَقَالَ سَائِرُ عُلَمَائِنَا: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَسَمِعْت الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا عَلِيٍّ الْوَفَاءَ بْنَ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيَّ إمَامَهُمْ بِبَغْدَادَ يَقُولُ فِي قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التوبة: 29.
إنَّ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا} التوبة: 29 أَمْرٌ بِالْقَتْلِ.
وقَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} التوبة: 29 سَبَبٌ لِلْقِتَالِ وقَوْله تَعَالَى {وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} التوبة: 29 إلْزَامٌ لِلْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ الثَّابِتِ بِالدَّلِيلِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} التوبة: 29 بَيَانُ أَنَّ فُرُوعَ الشَّرِيعَةِ كَأُصُولِهَا وَأَحْكَامَهَا كَعَقَائِدِهَا.
وقَوْله تَعَالَى {وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} التوبة: 29 أَمْرٌ بِخَلْعِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا إلَّا دَيْنَ الْإِسْلَامِ.
وقَوْله تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} التوبة: 29 تَأْكِيدٌ لِلْحُجَّةِ، ثُمَّ بَيَّنَ الْغَايَةَ وَبَيَّنَ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ، وَثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
«وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي قِتَالِهِ لِفَارِسَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى