لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَتَحَرَّى قِيمَتَهُ وَيَأْخُذُ مِقْدَارَ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي.
وَأَمَّا إنْ أَخَذَ عِرْضَك فَخُذْ عِرْضَهُ لَا تَتَعَدَّاهُ إلَى أَبَوَيْهِ وَلَا إلَى ابْنِهِ أَوْ قَرِيبِهِ.
لَكِنْ لَيْسَ لَك أَنْ تَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَبَ عَلَيْك، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُقَابَلُ بِالْمَعْصِيَةِ؛ فَلَوْ قَالَ لَك مَثَلًا: يَا كَافِرُ، جَازَ لَك أَنْ تَقُولَ لَهُ: أَنْتَ الْكَافِرُ؛ وَإِنْ قَالَ لَك: يَا زَانٍ، فَقِصَاصُك أَنْ تَقُولَ: يَا كَذَّابُ، يَا شَاهِدَ زُورٍ.
وَلَوْ قُلْت لَهُ: يَا زَانٍ، كُنْت كَاذِبًا فَأَثِمْت فِي الْكَذِبِ، وَأَخَذْت فِيمَا نُسِبَ إلَيْك مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ تَرْبَحْ شَيْئًا، وَرُبَّمَا خَسِرْت.
وَإِنْ مَطَلَك وَهُوَ غَنِيٌّ دُونَ عُذْرٍ قُلْ: يَا ظَالِمُ، يَا آكِلَ أَمْوَالِ النَّاسِ.
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ». أَمَّا عِرْضُهُ فَبِمَا فَسَّرْنَاهُ، وَأَمَّا عُقُوبَتُهُ فَبِالسَّجْنِ حَتَّى يُؤَدِّيَ.
وَعِنْدِي أَنَّ الْعُقُوبَةَ هِيَ أَخْذُ الْمَالِ كَمَا أَخَذَ مَالَهُ، وَأَمَّا إنْ جَحَدَك وَدِيعَةً وَقَدْ اسْتَوْدَعَك أُخْرَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: اصْبِرْ عَلَى ظُلْمِهِ، وَأَدِّ إلَيْهِ أَمَانَتَهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك».