السَّابِعُ: أَنَّ الَّذِي لَا يَهُمُّهُ إلَّا بَطْنُهُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الثَّامِنُ: أَنَّهُ خَادِمُ الْقَوْمِ لِلْمَعَاشِ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ. قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ الصَّغِيرُ فَلَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ أَفْرَدَهُ اللَّهُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} النور: 31. وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ؛ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ آلَةٌ، وَمِنْهُمْ الْمَجْبُوبُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ آلَةٌ، وَاَلَّذِي لَهُ آلَةٌ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُمْ الْعِنِّينُ الَّذِي لَا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، وَمِنْهُمْ الَّذِي لَا قَلْبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا عَلَاقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. فَأَمَّا الْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ فَلَا كَلَامَ فِيهِمَا.
وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمَا مِمَّنْ لَا قَلْبَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَلَّا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ اجْتِمَاعٌ لِضَرُورَةِ حَالِهِ؛ لَكِنَّ الشَّرِيعَةَ رَخَّصَتْ فِي ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ الْمَاسَّةِ إلَيْهِ، وَلِقَصْدِ نَفْيِ الْحَرَجِ بِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا هِيتٌ الْمُخَنَّثُ، فَقَالَ لِأَخِيهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَهُوَ عِنْدَهَا: يَا عَبْدَ اللَّهِ؛ إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الطَّائِفَ غَدًا فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى بَادِنَةَ بِنْتِ غَيْلَانَ يَعْنِي زَوْجَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَإِنَّهَا تُنِيفُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَتُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ مَعَ ثَغْرٍ كَأَنَّهُ الْأُقْحُوَانُ، وَبَيْنَ رِجْلَيْهَا كَالْإِنَاءِ الْمَكْفُوءِ، إنْ جَلَسَتْ تَبَنَّتْ، وَإِنْ قَامَتْ تَثَنَّتْ، وَإِنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ:
بَيْنَ شُكُولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُهَا
... قَصْدٌ فَلَا جَبْلَةٌ وَلَا قَضَفُ
تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لَاهِيَةٌ
... كَأَنَّمَا شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَأَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَاهُنَا، لَا يَدْخُلْ عَلَيْكُنَّ» فَحَجَبَهُ.