مَسْأَلَة الْمَذْمُومِ فِي الشِّعْرِالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: رُوِيَ أَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَكَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَزَلَ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} الشعراء: 224 وَقَالُوا: هَلَكْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} الشعراء: 227 يَعْنِي ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا فِي كَلَامِهِمْ، وَانْتَصَرُوا فِي رَدِّ الْمُشْرِكِينَ عَنْ هِجَائِهِمْ».
كَقَوْلِ حَسَّانَ فِي أَبِي سُفْيَانَ:
وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ
... بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُك الْعَبْدُ
وَمَا وَلَدَتْ أَفْنَاءُ زُهْرَةَ مِنْكُمْ
... كَرِيمًا وَلَا يَقْرُبْ عَجَائِزَك الْمَجْدُ
وَلَسْت كَعَبَّاسٍ وَلَا كَابْنِ أُمِّهِ
... وَلَكِنْ هَجِينٌ لَيْسَ يُورَى لَهُ زَنْدٌ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ
... وَسَمْرَاءُ مَغْلُوبٌ إذَا بَلَغَ الْجَهْدُ
وَأَنْتَ امْرُؤٌ قَدْ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ
... كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَنَسٍ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُولُ:
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
... الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
... وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
فَقَالَ عُمَرُ: يَا بْنَ رَوَاحَةَ؛ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقُولُ الشِّعْرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ، فَإِنَّهُ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ»، وَفِي رِوَايَةٍ:
نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ
... كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ