اللَّهِ، وَكَانُوا يَنْتَظِرُونَ بَعْثَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ بِمَكَّةَ قَصَدُوهُ، فَعُرِضَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ، فَأَسْلَمُوا؛ فَكَانَ الْكُفَّارُ مِنْ قُرَيْشٍ يَقُولُونَ لَهُمْ: أُفٍّ لَكُمْ مِنْ قَوْمٍ اتَّبَعْتُمْ غُلَامًا كَرِهَهُ قَوْمُهُ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: {وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} القصص: 55 يُرِيدُ لَنَا حَقُّنَا، وَلَكُمْ بَاطِلُكُمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَيْسَ هَذَا بِسَلَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ اذْهَبْ بِسَلَامٍ أَيْ تَارِكْنِي وَأُتَارِكُك.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تِبْيَانِ الْحَالِ لِلتَّحِيَّةِ بِالسَّلَامِ، وَاخْتِصَاصِهَا بِالْمُسْلِمِينَ، وَخُرُوجِ الْكُفَّارِ عَنْهَا، حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ.
الْآيَةُ الثَّامِنَةُ قَوْله تَعَالَى وَابْتَغِ فِيمَا آتَاك اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةََ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} القصص: 77.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي مَعْنَى النَّصِيبِ: وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: لَا تَنْسَ حَظَّك مِنْ الدُّنْيَا أَيْ لَا تَغْفُلْ أَنْ تَعْمَلَ فِي الدُّنْيَا لِلْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " اُحْرُثْ لِدُنْيَاك كَأَنَّك تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِك كَأَنَّك تَمُوتُ غَدًا ".
الثَّانِي: أَمْسِكْ مَا يَبْلُغُك، فَذَلِكَ حَظُّ الدُّنْيَا. وَأَنْفِقْ الْفَضْلَ، فَذَلِكَ حَظُّ الْآخِرَةِ.
الثَّالِثُ: لَا تَغْفُلْ شُكْرَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْك.
مَسْأَلَة اسْتِعْمَالُ نِعَم اللَّهِ فِي طَاعَتِهِالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
{وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} القصص: 77 ذُكِرَ فِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، جِمَاعُهَا اسْتَعْمِلْ نِعَمَ اللَّهِ فِي طَاعَتِهِ