مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْالْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} الأحزاب: 51 وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَهُوَ بَيِّنٌ عِنْدَ الْأُمَّةِ أَنَّ الْبَارِئَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، وَيَطَّلِعُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.
وَوَجْهُ تَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ هَاهُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِنَا مِنْ مَيْلٍ إلَى بَعْضِ مَا عِنْدَنَا مِنْ النِّسَاءِ دُونَ بَعْضٍ، وَهُوَ يَسْمَحُ فِي ذَلِكَ؛ إذْ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ أَنْ يَصْرِفَ قَلْبَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمِيلِ إنْ كَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْرِفَ فَعَلَهُ، وَلَا يُؤَاخِذُ الْبَارِئُ سُبْحَانَهُ بِمَا فِي الْقَلْبِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُؤَاخِذُ بِمَا يَكُونُ مِنْ فِعْلٍ فِيهِ، وَإِلَى ذَلِكَ يَعُودُ قَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} الأحزاب: 51 وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
الْآيَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} الأحزاب: 52.
فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: رُوِيَ «أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، لَمَّا تُوُفِّيَ زَوْجُهَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَعْجَبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُسْنُهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَنَزَلَتْ الْآيَةُ». وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} الأحزاب: 52
اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ أَنَّ كَلِمَةَ " بَعْدُ " ظَرْفٌ بُنِيَ عَلَى الضَّمِّ هَاهُنَا، لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ مِنْ الْحَذْفِ، فَصَارَ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ كَأَنَّهُ بَعْضُ كَلِمَةٍ، فَرُبِطَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ لِيَتَبَيَّنَ ذَلِكَ.